Skip to main content

ثوب الشهرة

(ثوب الشهرة )

د. صالح الشادي

  هناك من يرى بأن عليه أن يتميز بلبس الشهرة  عن غيره من عباد الله من العامة إما كرمز لسلطتة أو لتدينه ، فيخالف قومه في لباسه إما بالتقصير أو التطويل ، وإما بلبس العباءة أو خلعها ، او ارتداء العمامة أو وضعها . وما إلى ذلك ، وهو ما يلاحظ في كل الأديان ، وليس دينا بعينه ، فهو في اليهودية وفي النصرانية وفي الإسلام ، وهذا الأمر ما أنزل الله به من سلطان ، ولم تأت به الرسل  بل هو من تلبيس إبليس عليه اللعنة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من لبس ثوب شهرة أعرض الله عنه حتى يضعه ) رواه أبي ذر . وجاء في كتاب ( تلبيس إبليس ) عن أبي هريرة أن رسول الله قد نهى عن الشهرتين ، فقيل يارسول الله : ( وما الشهرتان ؟ قال : رقة الثياب وغلظها ، ولينها وخشونتها ، وطولها وقصرها ، ولكن سداد بين ذلك واقتصاد ) . وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه ويلم ( من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب المذلة يوم القيامة ) .

وهناك من يبالغ في تقصير ثيابه إما جهلا بالدين أو رياء ليقال بأنه تقي !! فقد أغفل البعض العلة في تحريم اطالة الثوب ، التي قد تسبب نيل قاذورات الطريق منه خاصة وأن البهائم كانت تعتمر الطرقات في السابق مع أصحابها قبل أن تحل المدنية ، أو لعلة الفقر وبخاصة قبل أن يفتح الله على المؤمنين أبواب الرزق الواسع ، فكان  لا يرتدي الطويل من الثياب إلا  صاحب المال ،  وكان البعض يجر ثيابه بطرا واستعلاء ، مماكان يشكل حسرة في نفوس البعض من الفقراء . وفي الحديث : ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ) فقال ابوبكر رضي الله عنه : بأبي أنت يارسول الله ، إن أحد شقي إزاري يسترخي إلا أن اتعاهد ذلك منه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لست ممن يصنعه خيلاء ) وقد ورد هذا في كتاب المنهيات للترمذي . كماجاء في الأثر أيضا أن من جر إزاره بطرا دخل النار . وعن ابن مسعود عن النبي أنه قال : ( لايدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ، فقال رجل : إن أحدنا يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : ( إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق وغمط الناس ) .

آثار الزهد والتقشف على نفسه لكي يُرى بصورة الزاهد أو العابد وفي ذلك تغليف للحقيقة وإنكار لنعمة الله ، ورياء واضح ، قال عليه الصلاة والسلام : ( يخرج آخر الزمان رجال يختلون

الدنيا بالدين يلبسون للناس جلود الضأن من اللين السنتهم أحلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب ، يقول الله أبي يغترون ؟! أم علي يجترؤن في ، حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم فيهم حيران ) رواه الترمذي . وعن الأحوص عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قشف الهيئة ، فقال : (هل لك مال ؟ قلت نعم . قال : من أي المال ؟ قلت : من كل المال قد آتاني الله عز وجل من الإبل والخيل والغنم ، قال : فإن آتاك الله عز وجل مالا فليُر ى عليك . ).

 

وجاء في ( التلبيس) عن جابر قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا في منزلي فرأى رجلا شعثا ، فقال : ( أما كان يجد هذا مايسكن به رأسه ؟ ، ورأى رجلا عليه ثيابا وسخة فقال : أما يجد هذا مايغسل به ثيابه ؟ ) وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرونه على الباب ، فخرج يريدهم ، وفي الدار ركوة ماء ، فجعل ينظر في الماء ويسوي شعره ولحيته ، فقلت : (يا رسول الله : وأنت تفعل هذا ؟! قال : نعم إذا خرج الرجل إلى إخوانه  فليهيء من نفسه فإن الله جميل يحب الجمال ) .

إن الدين الرحمة ، والدين الخلق ، والدين الذوق ، والدين الجمال .. ربنا لك الحمد ولك الشكر على نعمة الدين .