Skip to main content

الشادي يكسر جدران الصمت ويقول

جريدة الأربعاء
* 23 صفر – 1411 هـ *
الشاعر الغنائي صالح الشادي يكسر جدران الصمت ويقول:
نفديك يا أغلى وطن
حاوره جبريل ابو دية
أنا لم أقلد أحداً حاولت ولازلت أحاول أن أكون شخصية مستقلة لها خصوصيتها .
هكذا يداخلكم بغضب ذلك الشاعر البازغ من قلبه. يشعلك الحوار معه حدا لا مثيل له فما تلبث تخرج وتجلس كالشجرة على قصائده وتطلقها عليه.
صالح الشادي يعرف أن الزمن يركض وأن المقاعد التي تهيأ لأصحابها لا تدوم، وأن الأسماء المصنوعة من ورق تسافر بها الربح ويعرف أيضاً أن الوطن الغالي (مأزوم) تطمع فيه عيون قبيحة( وقحة ) لذلك استحضر سوا ليفه من جيوب الذاكرة ونهض من صحته وقالت قصائده (البرتقالية ) و ( الضوئية ) : نفديك يا أغلى وطن!!.

* يتم حادثة الغزو العراقي للكويت؟
مفاجأة عظيمة وغير متوقعة للجميع فلو أن الغازي عدو قديم أو عدو ظاهر لهانت المصيبة . المشكلة أن العدو جاء من أخ وشقيق وابن عم كانت الكويت له نعم النصير والمؤازر في سرائه وضرائه وهذا ما ضاعف من طعم المرارة ولعلك لاحظت ردود الفعل الغامضة أمام هذا الاكتساح الهمجي اللاانساني تعددت طرق التعبير وكان المصب واحدا هو الاستنكار . وبالنسبة لي ولغيري من الزملاء كانت الأزمة ذات واقع عميق جداً على نفوسنا ومنذ بدأ وقريحة الغضب ثائرة لا تبدأ ولقد كان لي مع الأستاذ سامي إحسان أكثر من عمل فني يمثل شجبا لما حدث وتأييداً لمواقف دولتنا وشعبنا الأبي وقريبا إن شاء الله سنرى هذه الأعمال وسنستمتع إليها.
* ماهو الدور الذي يتوجب على الشاغر الغنائي أن يقوم به من أجل الوطن في ظل الظروف؟
ما من شك أن هذه الأزمة قد كشفت لنا الكثير من الأمور والتي كانت لصالحنا والحمد لله ويمثلها قول الشاعر:
جـــزى الـلـه الــشــدائـد كـــل خــــيــر
عرفــت بهـا عــدوى من الـظــروف
لقد استفاق الكثيرون على إثر هذا الحدث . وبالنسبة لوطننا الغالي فقد تجلت به ويوضح صور التلاحم والاندماج بين القيادة والشعب وتأكدت سياسة قائدنا العظيم مولاي خادم الحرمين الشريفين بما لا يدع مجالا للشك. بأنها القمة في الحكمة والخلاصة والسداد في الرأي أمام المجتمعين العربي والدولي . وما يسعدني الإشارة إليه هنا هو ذلك التوجه والاندفاع الهائل للآلاف من المتطوعين الذين هبوا لنصره وطنهم والدفاع عن أرضه ومقدساته ولا شك بأن الجميع الآن يشكلون رمزاً صارخاً للفداء والتضحية.

* لماذا الصمت .. ياصالح؟ وهل ترى مرحلة الصمت مهمة للشاعر الغنائي لكي يعيد قراءة أوراقه؟
الصمت الذي ألجمني قبل الأزمة كان أرديا نابعا من تفكير صادق في العطاء عن الأسلوب المنطقي السليم والذي يوصلني إلى عقل وقلب المتلقي شعراً وذلك بالمفهوم الحقيقي لهذا النوع من الأدب وكنت أمل أن يستيقظ الجميع من زار الطبول وجرس الإيقاع ووصف المفردات الجوفاء على فجر جديد يحمل ماهية حقيقة للفن وصورة أدق وأجمل لهذا الاتجاه والذي يساهم مساهمة فعالة بالرقي بمستوى الذوق العام.. لقد اسفت على الكثير ( التخبيصات ) التي قدمتها وندمت فعلا وكان الابتعاد عن هذا المناخ ليس انقطاعا بقدر ماهو محاولة مني لإعادة ترتيب الأوراق والخروج بتجربة ذات قيمة على أنقاض التجربة السابقة وكل ما أتمناه الآن أن يعي فنانونا وشعراؤنا عظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وضخامة دورهم بالتأثير على سلوكيات هذا المجتمع الأسرة.
* الظروف الحالية التي تمر بها الأمة العربية فجرت المشاعر الوطنية ولكن تعبير البعض كان ساذجا لماذا؟
بالنسبة للأغنية الوطنية أو المناسبتية كما تفضلت تفضلت تمثل ثور نفسية في أعماق الشاعر وهي في بوتقة تحمل هدفاً واحداً واتجاها واحداً والمؤثرات في نص المناسبة كثيرة ولعل أبرزها خلفية الشاعر الثقافية والفكرية ومدى استيعابها لمفهوم الحدث. إضافة إلى الحصيلة اللغوية والتراثية المكملة لهذا العمل ولاشك بأن للمتابعة والاستزادة الدائمة أثرها الواضح بالأعماق على سلوكيات القصيدة والتي تؤثر بطريقة سحرية على نفسية الملتقي وانفعالاته .أما عن تأثير القصيدة والتي تؤثر بطريقة سحرية على نفسية المتلقي وانفعالاته .. أما عن تأثير القصيدة الوطنية على المواطن فكبير وكبير جداً فهي بمثابة الثقب الذي يذكى نار الحماس في داخل النفوس ويؤجج العزائم ويلهبها.
* في السنوات الخمس الأخيرة من عمر الأغنية المحلية ظلت حرفة ( تلميع ) الأسماء الشعرية المعدودة من غياب واضح في مضامين جيدة للنصوص وتغيب واضح للأسماء غير المعروفة. لماذا؟
بالفعل كنا ولازلنا نعاني في الوسط الفني من ( حرفة ) التلميع التي تظهر أكثر في الصحافة الفنية لدينا لعدد محدود من الأسماء الشعرية والتي للأسف لم تخرج عن سياق شاعرين هما ( بدر بن عبد المحسن ) و( إبراهيم الخفاجي ) بالرغم أن عددا كبير من الأسماء الشعرية الشابة المثقفة والمتميزة في تجاربها الشعرية تحترق في ظلال حالة (التيلمع) هذه.
وفي اعتقادي الشخصي أن المسؤولية برمتها تقع على عاتق ( الملحنين) الذين يسهمون وبشكل كبير في بزوغ نجم رائع سواء في الغناء أو في الكتابة الشعرية. وهم بدورهم يسهمون للأسف في سحق طموحات نجم آخر وجعله بالظل.
وهناك الكثيرون من الشباب الذين اعرفهم لهم قدرة مدهشة في كتابة النص الغنائي إلا أن حظ القليل والقليل جدا منهم في الظهور وأنا لا أعفي هؤلاء الشعراء من مسؤوليتهم الأولى في المثابرة والكفاح المستمر من أجل تقديم إبداعاتهم ونصوصهم ملتزمين بمبدأ الخصوصية والتطوير ودائماً البقاء للأفضل والأجمل فمهما ظلوا في الظل لابد لإبداعهم الجيد والمتميز أن يفرض نفسه ويلفت الأنظار نحوهم.

* حين تكتب النص أين يقع الملتقى من تفكيرك؟
آه من هول ما يتركه في تفكيري هذا الملتقى أو ذاك الجميع يعرف الآن سواء الشاعر أو الملحن أو المطرب أن المستمع المحلي والعربي تغير وتغيرت مشاربه وتفتح وعيه لذلك لابد من وضعه في البال ومن افتراضه ولكن دعني أسأل هذا الملتقي الواعي .
* لماذا يرضى للبعض من أصناف الفنانين أن يسرب إلى أذنه نصاً أو نصوصاً سيئة ومتردية
في فكرتها ومعالجتها .. لماذا؟
هل هو أيضا أعجبه اسم المطرب فقط كما اعجب الملحن من قبل فرضي بمثل العطاء الركيك.. قد تكون ( مصلحة ما ) دفعت الملحن المسكين لمجاملة ذلك الشاعر أو ذلك المطرب.
أما أنت فإن مصلحتك الأولى هو أن ترتقي بذوقك وتساهم في تطوير الأغنية السعودية بشكل خاص والعربية بشكل عام من خلال روح النقد و المتابعة التي تدلك على تميز عمل عن آخر.
* يبدو أن عددا من ملحنينا قد انتهت مدة صلاحيتهم؟ والبعض الآخر أصبح يبيع الحانة كعلب (السردين) أليس كذلك؟
نعم هناك بعض الملحنين انتهت مدة صلاحيتهم ونضب ابداعهم ومن الممكن الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم التي لم تندثر من خلال احتضانهم للملحنين والمطربين الشباب عبر ربط هذه الأسماء الشابة الجديدة بنشاط وشهرة الأسماء القديمة.
ومن خلال تعاملي مع عدد من الملحنين أن لم يكن كلهم استطيع القول بأنهم فئتان فئة تلحن للنص و فئة تلحن للمطرب.
الفئة الأولى صادقة مع رسالتها الفنية فهي تتفاعل مع النص .. أن الواحد منهم يبكيه النص.
والفئة الثانية ذوقها وحسها تجاري فهي تتعامل مع النص على أنه عمل تجاري مطلوب لمطرب مشهور ينبغي ان ينجزكما هو في العقد في وقته المحدد ليس مهما كيف أنجز.
ومن هنا يمكن اكتشاف الفنان الحقيقي عبر هذه المعايير التي اكتسبها مع مرور السنين أني استطعت التعرف على أشياء كثيرة أسرار كثيرة عن هؤلاء الملحنين أو أولئك.
* كيف علاقتك بالشاعر سعود سالم ؟ وهل هناك من يفسد العلاقة بينكما؟
يا عزيزي لا أدري لماذا يصر الكثيرون من ضعاف النفوس في الوسط الفني على نثر الغبار بيني ويبن الصديق الشاعر سعود سالم.
صدقني أن سعود أستاذ احترمه واقدر تجربته وتعجبني قصائده وله أفضلية السبق .
ان يختلف عن أسلوب سعود ومحاولته فنحن لا توجد بيننا أزمة مقاعد ولا أزمة تجارب فالساحة كبيرة ونابضة بالأسماء ومتاحة لهم لكي يقدموا عطائهم بتجاربهم الخاصة والمتميزة من خلال أسلوب معين .
كلنا يا عزيزي مهما اختلفت مشاربنا وأساليب كتاباتنا نصب في مصب واحد هو تقديم ورقي الأغنية السعودية نصاً ولحناً وأداء.
* 3/11/1421هـ *

هل يحدد وعي الشاعر بالواقع والحياة ؟
تحقيق ـ عابد هاشم علي فقندش
∙ ويقول الشاعر الغنائي صالح الشادي:
* مسار الأغنية في نفسه الشاعر ذو اتجاهين… اتجاه خاص واتجاه عام … الأول انعكاس لظروف ووقائع يعيشها الشاعر من خلال سيرته الذاتية وترتبط في أكثر الأحيان بعاطفته اما المسار الآخر “العام” فهي تعني بما يحيط الشاعر من وقائع بيئية وثقافية وسياسية .. الخ وتكون مرتبطة بالعقل في اغلب الأحيان وما يحدث من تمازج بين ثقافة الشاعر والمعطيات الخارجية والمؤثرات.. يحلق نوعاً من التعبير الذي يفترض ان يكون علاجاً او بلسماً يعتقد الشاعر انه اوصل من خلاله جزءاً من احساسه للناس.
ولا شك بأن الشاعر كما يقولون كرآة لوضع الإحساس السائد .. وكما يقول احد الفلاسفة .. بأنك اذا لم تقرض الشعر ولم تقرأه تسبه ذلك الذي ينظر الى جدار وهو يعني بأن الشعر ذات نافذة تطل من خلالها على الجانب الانساني في حياة البشر والأغنية ذات فاعلية خطيرة في تكوين الرأي وتغيير الرأي ونفي الرأي اذا كان هذا مرتبطاً بالمشاعر وبهموم الفرد والمجتمع ولذلك اعتقد ” وجهة نظر” بأن كثيراً ممن يكتبون الشعر يجدون في هذه الكتابة رئة ثالثة للتنفس من خلالها.